
بقلم: محمد الشيوخ
ذات مساء زارني صديق عزيز وعلامات الأسف والحيرة بادية على محياه. قال لي : مؤخرا حدث اشكالا بسيطا بين احد اعز اصدقائي وجاره ، وبغية مساعدة الصديق تدخلت لحل الاشكال بينهما دون ان يعلم صديقي الذي اكن له معزة خاصة. ولكن ، بعد ان علم بتدخلي صد عني وقاطعني وتغيرت اخلاقه نحوي رأسا على عقب، وانا حاليا في حالة ذهول وصدمة مما جرى..فماذا تقترح ان افعل حيال هذه المشكلة غير المتوقعة، علما بأن بعض الاصدقاء اشاروا عليي بقطع العلاقة معه حتى يأتي لي معتذرا لانه قد اخطأ بحقي؟!
قلت له : بناء على توصيفك يظهر ان صديقك العزيز فسر مبادرتك الاصلاحية بطريقة خاطئة وربما اعتبرها تدخلا فضوليا وعلى اثر ذلك تصرف معك بطريقة غير سليمة. وهذا النوع من التصرف يرد اما من اشخاص لايقبلون بتاتا، من احد مهما كان، ان يقتحم خصوصياتهم او من صنف آخر يمتازون بالتسرع في احكامهم وقرارتهم، نتيجة رسم تصورات مغلوطة في اذهانهم حيال تصرفات من حولهم . في كلتا الحاليين ارى عدم الامتثال مطلقا لمشورة الاصدقاء الذين طالبوك بمقاطعة صديقك التي تحترمه حتى يأتيك اولا معتذرا ، بل اقترح عليك بأن تبادر انت في اللقاء به لتبين له دوافع تدخلك الحقيقية في الاصلاح، وافترض انه بمجرد ان يتفهم دوافعك الحسنة وتتضح له الصورة بشكل دقيق وكامل ، ستحل المشكلة فورا وستعود المياه لمجاريها، كما افترض ان يعتذر لك ايضا لأنه اخطأ في حقك حينما صد عنك. هذا طبعا اذا كان توصيفك للمشكلة دقيقا ، وصديقك ناضجا وحريصا على الحفاظ على استمرار علاقته باصدقائه الخلص امثالك .
من هذه الحادثة، التي قد تحدث لكثيرين ، احسب ان هنالك ثمة دروس ينبغي الاستفادة منها : اولاها، ان التصورات المتعجلة لا تكون في الغالب مكتملة وناضجة، كما انها قد تؤدي لمواقف متطرفة ورود افعال غير صائبة، لذا ينبغي التريث في مثل هذه المواقف ودراستها من جوانبها المختلفة بعمق للتأكد من حقيقتها ، وذلك قبل اصدار الاحكام المتعجلة واتخاذ القرارات الخاطئة حيالها. ثانيا ، حيال المشكلات ، مهما كان نوعها واطرافها وحجمها ، يفترض معالجتها بروح ايجابية وعقلانية وحكمة - قدر الامكان - بدلا من الانفعال والتهور . ثالثا ، لا ينبغي التسويف في حل المشكلات ، مهما كان حجمها ، بل يستحن المبادرة في حلها فور حدوثها كي لا تتفاقم وتتعقد اكثر ، وذلك عبر التواصل مع الطرف المعني بالمشكلة ، حتى ولو كنا نعتقد اننا على صواب وكان الطرف الآخر على خطأ ، مع مراعاة الظروف الزمانية والمكانية والطرق المثلى في المعالجة.
كانت مجرد دردشة اخوية عابرة وربما مشورة يعتريها الكثير من القصور ، وددت مشاركتم على آمل انضاجها اكثر وافادة صاحبنا اعلاه، ومن يعاني من مشكلة مشابهة لها ، ربما يسترشد بتوجيهاتكم النيرة .
* مشرف اللجنة الإعلامية